حظي شاب بفرصة الحصول على حياة جديدة بعد تلقيه رعاية متقدمة للصرع بالتنسيق بين مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" ومستشفى "كليفلاند كلينك" في الولايات المتحدة.
بدأ مُسلَّم صالح العامري يعاني من نوبات عصبية في سن الثانية عشرة، ما دفع ذويه لنقله إلى أقرب مستشفى حيث تم تشخيص إصابته بالصرع ووصفت له أدوية للسيطرة على حالته، ولكن ذلك لم يضع حداً لنوبات الصرع التي كانت تُصيبه مرة أو مرتين في الأسبوع.
وفي وصفه لنوبات الصرع التي كانت تُصيبه وتأثيرها على مجرى حياته، أوضح مُسلَّم: "بدأت النوبات التي أتعرض لها تتحكّم في حياتي، إذ أصبحت أتجنب مخالطة الآخرين خوفاً من تعرضي لنوبة بحضورهم، فلازمني الشعور بالوحدة وحاوطتني المخاوف من العجز عن عيش حياة طبيعية".
وكان مُسلَّم قد أمضى عاماً كاملاً في الخارج عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره لتلقي علاج يساعد في السيطرة على نوبات الصرع، ولكن دون نتائج تُرجى، وهذا ما دفعه لزيارة مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" بعد عودته إلى الدولة، حيث تم إدخاله المستشفى لإجراء تقييم شامل لحالة الصرع لديه.
وبالحديث عن حالة مُسلَّم، أوضح الدكتور ديباك لاتشواني، رئيس قسم طب الأعصاب في معهد الأعصاب لدى مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي": "عانى مُسلَّم من حالة صعبة ومعقّدة من الصرع، وكانت آثاره ظاهرة عليه بشكل واضح. وتقرر، بالتعاون الوثيق مع زملائنا في مقر المستشفى بولاية أوهايو الأمريكية، أن العلاج الجراحي المتقدّم المتّبع في مستشفى "كليفلاند كلينك" في الولايات المتحدة يمكن أن يكون فعالاً في علاج حالته، إذ يتمثل الأسلوب العلاجي المشار إليه بتحديد الجراحين للبؤرة المصابة في المخ والمسببة لنوبات الصرع واستئصالها، مع مراعاة المحافظة على سلامة المناطق المحيطة التي تعتبر مهمة للغاية لأداء وظائف أساسية."
ونظراً لمدى تعقيد حالة مُسلَّم، وجب خضوعه لسلسلة من فحوصات الأشعة بالأساليب والتقنيات المتقدمة عند وصوله إلى المستشفى لتحديد البؤرة في المخ المسببة لنوبات الصرع بشكل دقيق والتخطيط للجراحة التي تستهدف استئصالها والإعداد لها.
وحول دراسة حالة مُسلَّم ومناقشة العلاج الجراحي المقرر له، بيّن الدكتور خورخيه غونزاليس مارتينيز، أخصائي جراحة الأعصاب في مستشفى "كليفلاند كلينك"، وهو الجرّاح المسؤول عن العملية: "بعد دراسة حالة مُسلَّم ومناقشتها مع الطاقم الطبي في كليفلاند كلينك أبوظبي، قررنا اللجوء إلى إجراء جراحة استئصال دقيقة محدودة النطاق للحدّ من خطر حدوث أي مضاعفات محتملة لدى مُسلَّم. وترجع النوبات العصبية التي تُصيبه إلى بؤرة حساسة للغاية في دماغه تجاور المناطق المسؤولة عن التحكم بالوظائف الحركية والقدرة على النطق. ولقد استعنّا خلال الجراحة بتقنيات التصوير الشعاعي لإرشادنا أثناء عملية استئصال البؤرة المسببة للنوبات دون التأثير على المناطق المحيطة."
ويُذكر أن الجراحة كانت ناجحة وحققت النتائج المرجوة منها وخرج مُسلَّم من المستشفى بعد إجراء العملية بثلاثة أيام فقط.
وفي ختام حديثه حول حالة مُسلَّم قال الدكتور ديباك: "تُسلط قصة مُسلَّم الضوء على الدائرة العلاجية الكاملة لحالات الصرع والمنسقة بالتعاون الوثيق بين أبوظبي وأوهايو، مؤسسة الرعاية الصحية المحتضنة لواحد من أكبر وأشمل برامج علاج الصرع في العالم. ولا يمنعنا بُعد المسافات من العمل المنسق كفريق واحد، وهو ما يهيئ آفاقاً جديدة لمرضى الصرع في دولة الإمارات تسمح بتلقيهم رعاية سلسة عبر مجموعة واسعة النطاق من الأساليب المتقدمة في علاج حالات الصرع والاستفادة من خبرات وإمكانيات كوادر الأخصائيين العاملين في كلا المستشفيين".
ويُذكر أن مرضى الصرع في كليفلاند كلينك أبوظبي يتلقون رعاية منسقة تُقدّم بالتعاون الوثيق بين كادر الرعاية في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" داخل الدولة والزملاء كادر الرعاية في مستشفى "كليفلاند كلينك" في الولايات المتحدة، ما يُتيح مراقبة المرضى الذين يتم إدخالهم إلى وحدة مراقبة حالات الصرع لتقييم نوبات الصرع التي يتعرضون لها تحت إشراف كادر متخصص بحالات الصرع في أوهايو بفضل الاتصال المباشر المتاح بين المستشفيين. ويعقد أخصائيو علاج الصرع وأخصائيو جراحة الأعصاب في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" اجتماعات منتظمة عبر الفيديو مع زملائهم في مستشفى "كليفلاند كلينك" لمناقشة حالات الصرع وتحديد الأساليب المثلى للعلاج.
تمكّن مُسلَّم بعد الخضوع للجراحة من التغلّب على نوبات الصرع وأصبح أكثر نشاطاً وتفاعلاً وإقبالاً على مخالطة الآخرين وأكثر انفتاحاً على المجتمع. وبعد عودة مُسلّم إلى أبوظبي والتزامه بحضور مواعيد المتابعة الصحية في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" بانتظام، استحوذ التطلّع إلى المستقبل على تفكيره واهتمامه، وهو ما عبّر عنه بقوله: "يملؤني الشعور بالحماس للعثور على فرصة عمل وبناء حياة جديدة. تطلّب تلقي العلاج بالأسلوب الجراحي شجاعة كبيرة مني، وأنا سعيد جداً بالنتائج التي وصلت إليها وأنصح كل من تدفعه نوبات الصرع للانطواء على نفسه وتقف حاجزاً تحول دون انخراطه في الحياة بالإقدام على طلب العلاج الجراحي."