قال الأطباء في في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، أحد مرافق شبكة مبادلة للرعاية الصحية عالمية المستوى، أنهم أجروا جراحة زراعة كلية تبرعت بها أم لتتم زراعتها لدى ابنها الشاب، ما أسفر عن تحسن كبير في حالته وأتاح له المشاركة في حفل التخرج من مدرسته الثانوية.
وبدأ عمير يعاني من آلام صداع وغباش الرؤية خلال عامه الأخير في المدرسة الثانوية، فظن أن هناك مشكلة في عينيه. لكن زيارته لطبيب العيون والفحوصات التي أجريت له بينت وجود مشكلة أكبر، إذ اتضح وجود مؤشرات على ارتفاع في ضغط العيون لديه، الذي بلغ 180/100، أي ضغط المستوى الطبيعي تقريباً، مع تغيرات في العصب البصري. وأظهرت الفحوصات الأخرى أن ارتفاع ضغط الدم عند عمير قد ألحق الضرر بالكليتين، حيث انخفض مستوى عملهما إلى 8% فقط.
وأوضح د. نزار عطالله، استشاري طب وزراعة الكلى في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، "أنه فقط بعد زيارة عمير لطبيب العيون، تم اكتشاف ارتفاع ضغط الدم لديه. بمجرد اكتشافه ، كان مرض الكلية قد بلغ مرحلة متقدمة لديه، وأدركنا بسرعة كبيرة أن عمير سيحتاج إلى عملية زراعة الكلى حتى يتعافى بشكل تام".
بدأ الأطباء العلاج أولاً بمحاولة السيطرة على ضغط الدم على أمل أن يساعد ذلك في تعافي الكليتين، لكن الأدوية لم تكن كافية بسبب تقدم الحالة، وبدأ عمير يخضع لغسيل الكلى ثلاث مرات أسبوعياً. وبعدها تقرر اللجوء إلى زراعة كلية قررت الأم التبرع بها. وبناء عليه، أجرى فريق زراعة الأعضاء متعدد التخصصات في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" تقييماً للحالة، وتبين تطابق الأنسجة بين الأم وابنها، وبدأ الأطباء يتخذون الخطوات المطلوبة لإتمام عمليتي التبرع والزراعة. وبعد الجراحة تحسنت حالة عمير كثيراً، وبدأ يمشي ويتحرك خلال يومين ، فيما غادر المستشفى بعد خمسة أيام فقط.
ووصفت صفوة، والدة عمير، لحظة أخبرها الأطباء بحالة ابنها وقالت: "لقد كان الخبر مدمراً وصادماً، وقررت عندها أن أتبرع بإحدى كليتي لابني، وهو ما كانت لتفعله أي أم أخرى إذا كانت قادرة على ذلك. والحمدلله الذي منحني الفرصة لأقوم بذلك، فذلك ليس بالأمر السهل والمتاح دوماً، إذ قابلت أشخاصاً لم يكونوا محظوظين ولم يتمكنوا من التبرع لأبنائهم مثلي، وهذا فعلاً يؤكد على أهمية التبرع بالأعضاء".
من جانبه، أكد عمير أنه حالته الصحية ممتازة، وقال: "قبل الجراحة، كنت في حالة من الكسل والخمول، إذ كنت أمضي يومي نائماً غير راغب في مغادرة سريري، كما لم أكن أرغب في تناول الطعام. لكن بعد الجراحة بدأت فوراً أشعر بتحسن كبير وبحيوية أكثر. عند تشخيص مرض كهذا، يصبح الأمر برمته متوقفاً على طريقة تفكير المريض. وأنا قررت منذ البداية أنني لن أدع هذا الأمر يغير شيئاً في حياتي. وبالفعل، بدأت أمارس نشاطي في النادي الرياضي وعدت للعب كرة السلة، والخطوة المقبلة الالتحاق بالجامعة".
وكان عمير قد تغيب كثيراً عن المدرسة بسبب المرض، ولم يستطع حضور الامتحانات النهائية. لكن بعد تعافيه من جراحة الزراعة، تمكن من الانضمام إلى رفاقه في حفل التخرج الذي أقامته مدرسته هذا العام، وألقى خلالها كلمة، وستظل هذه الذكرى محفورة في ذاكرته وذاكرة عائلته كمؤشر على تعافيه من المرض.