عملية بحث واسعة عن فصيلة دم نادرة في جميع أنحاء العالم تتكلل بإجراء جراحة قلب استثنائية وانقاذ حياة سيدة في أبوظبي

مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" ينجح في عملية نادرة تبرّعت بها مريضة لنفسها بالدم لندرة فصيلتها في العالم

​أدّت عملية البحث عن فصيلة دم نادرة في جميع أنحاء العالم، والتعاون الدولي، وعملية معقدة للتبرع بالدم [تبرعت فيها المريضة بدمها لنفسها]، إلى إنقاذ حياة مريضة مقيمة في أبوظبي، أُجْرِيَتْ في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، جزء من مبادلة للرعاية الصحية.

ففي عام 2018، بدأت داينا باوتيستا - وهي أمّ عاملة من الفلبين، وتعيش في أبوظبي منذ أكثر من 15 عامًا -  بالاشتباه في إصابتها بمرض ما، لكنها لم تكن تعرف ما هو. كانت تعاني من نوبات سعال شديدة، شخصها طبيب الأسرة لأول مرة على أنها إصابة بمرض الربو. ثم كشفت فحوصات المتابعة الطبية عن تضرر ثلاثة صمامات في قلبها. وخوفا من الخضوع لعملية جراحية، مارست داينا حياتها كالمعتاد. ومع بدايات عام 2020، تدهورت حالتها الصحية بشكل كبير.

تقول داينا: "في البداية، كنت قادرةً على أن أعيش حياتي بشكل طبيعي. كنت أعرف أنني أشكو من شيء ما، لكنني أردت أن أوجه اهتمامي وتركيزي إلى عملي وعائلتي. لكن، في نهاية الأمر، لم أكن أستطيع أن أسير إلا لبضع دقائق فقط دون أن أفقد أنفاسي وأحتاج إلى الراحة. كنت دائماً أعاني من ضيق في التنفس، بل إن مهامي اليومية أصبحت صعبة للغاية بالنسبة لي. كنت أعلم أنه قد آن الأوان أخيراً لمراجعة الطبيب ولمعالجة قلبي".

أُدخلت داينا إلى مستشفى في أبوظبي، وخضعت للفحوصات الروتينية التي تجرى قبل الجراحة في اليوم السابق للعملية الجراحية المقررة. ولكن، في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، أخبرتها ممرضة أن العملية الجراحية المقررة لن تُجرى كما كان مخططاً لها؛ فالمستشفى لم يعثر على دم يطابق فصيلة دمها، بعد البحث في أكثر من 100 عينة. ونظراً لتلك التعقيدات، تم نقل المريضة إلى مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي".

أجرى فريق علم الأمراض ونقل الدم، في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" فحوصات مكثفة، كشفت أنه بالإضافة إلى أن فصيلة دم داينا هي من فئة (B +)، وهي فصيلة دم نادرة نسبياً، وتتواجد في نسبة تقارب 9٪ من البشر فقط، وجدوا كذلك أن دمها يفتقر لبروتين (JK3)، وهو نوع نادر للغاية من النمط الظاهري. هذا يعني أن هذه الحالة لا يمكن لها أن تستقبل الدم إلا من المتبرعين الذين تتطابق فصيلة دمهم مع فصيلة دمها، وبشرط أن يكون لديهم نقص كذلك في هذا البروتين على وجه التحديد.

يوضح الدكتور مانويل ألغورا​، أخصائي علم الأمراض السريري ومدير قسم بنك الدم في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"صعوبة هذه الحالة قائلاً: "ما أن اكتشفنا أن دم داينا فيه نقص في بروتين (JK3)، وهي حالة نادرة جداً في جميع أنحاء العالم، حتى بدأنا نبحث عن متبرعين، من داخل دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن خارجها. فنحن، لكي نجري هذه الجراحة التي ستنقذ حياة هذه المريضة، نحتاج إلى ست وحدات من الدم على الأقل، وهذا أمرٌ صعب بسبب ندرة هذا النوع، إضافة إلى أن فصيلة دمها غير مألوفة". 

بدأ الدكتور ألغورا وفريقه العمل مع بنك الدم أبوظبي، بحثاً عن متبرعين مناسبين بما فيهم أقارب داينا الذين يعيشون في دولة الإمارات العربية المتحدة. ووجدوا أن أقاربها لديهم نقص كذلك في بروتين (JK3)، إلا أن فصيلة دمهم لا تتطابق مع فصيلة دمها. وجدنا في أبوظبي متبرع تتوافق فصيلة دمه مع فصيلة الدم المطلوبة، وتبرع بوحدةِ دمٍ من الوحدات الست المطلوبة لإجراء الجراحة. وحيث أن المتبرعين بالدم لا يمكنهم ان يتبرعوا بالدم إلا مرةً واحدة كل ثمانية أسابيع، وسَّع الدكتور ألغورا من دائرة البحث، وتواصل مع بنوك الدم في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة، ومنطقة الخليج، بل تواصل مع دول خارج المنطقة، مثل ماليزيا وإسبانيا. كان البحث محدوداً بسبب صعوبة نقل الدم، فلا يمكن أن يبقى الدم خارج المُجمِّدات الطبية إلا لبضع ساعات، وإلا سيصبح غير صالح للاستخدام. وفي نهاية البحث، عثر الفريق الطبي على وحدتين مطابقتين لفصيلة دمها، في الكويت.

بدأ فريق إداري في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" بالعمل على توفير الخدمات اللوجستية، والتصاريح اللازمة لاستيراد الدم من الكويت، وفي نفس الوقت، كان الدكتور ألغورا وفريقه يعملون مع بنك الدم أبوظبي لجمع أربع وحدات، من دم داينا نفسها.

ويتابع الدكتور ألغورا حديثه قائلاً: "على الرغم من وجود متبرع هنا في أبوظبي، وتوافر وحدتين قادمتين من الخارج، إلا أننا كنا ما نزال في حاجة إلى أربع وحدات أخرى، لإجراء الجراحة بأمان. كان جمع هذاالقَدر من الدم من المتبرع الموجود في أبوظبي سيستغرق شهوراً عديدةً، لأن الشخص لا يستطيع أن يتبرع إلا بوحدة دمٍ واحدةٍ كلَّ شهرين. ولكن تبرع المريض بدمه لنفسه، تكون له ظروف ومتطلبات مختلفة جدّاً. ونظراً لقوّة هيموغلوبين داينا، فقد استطعنا أن إدارة علاجها لزيادة إنتاج خلايا الدم الحمراء، حتى تتمكن من أن تتبرع بدمها لنفسها، بأمانٍ و بمعدل مرة واحدة في الأسبوع."

 وتحت إشراف طبي دقيق، من الفريق الطبي المكلف بمتابعة حالة داينا، في مركز نقل الدم في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، أعطت داينا أربع وحدات من دمها، على مدار ثلاثة أسابيع، حتى يتوافر للمستشفى ما يكفي من الدم لإجراء جراحتها. تم جمع الدم من قبل فريق من المتخصصين من بنك الدم في أبوظبي، ثم انتقلوا بأجهزتهم إلى المستشفى، لتيسير عملية التبرع المطلوب لإجراء الجراحة للمريضة، وللتأكد من تلبية احتياجاتها الطبية، وأخذها بعين الاعتبار.

يقول الدكتور عمر دار، جراح القلب الذي قاد الفريق الطبي الذي أجرى جراحة داينا: "الدم هو أساس الجراحة الحديثة، ولا جدال في هذا. وإذا لم نتمكن من تعويض الدم الذي يفقده المريض بسبب النزيف أثناء الجراحة، فالنتيجة البديهية المترتبة على ذلك هي أننا لن نستطيع أن نجري كثيراً من العمليات الجراحية التي نجريها اليوم بيسر وسهولة. حتى مع العمليات التي تجرى بأقلِ درجةٍ من درجات التدخل الجراحي، فمن الضروري أن يتوافر الدم، في متناول أيدينا، لضمان سلامة المرضى. عندما سمعت أننا قد حصلنا على الدم اللازم لعلاج صمامات قلب داينا، شعرت بسعادة غامرة. فقد آن لنا الآن أن نمضي قُدُماً، ونساعدها في أن تستأنف حياتها بشكل كامل".

وأخيراً، أجريت جراحة داينا في 15 ديسمبر، بعد أكثر من ثلاثة أشهر من الموعد الذي كان محدداً لها في البداية. وعلى الرغم من أن كثيراً من التأخير كان سببه البحث عن فصيلة الدم التي تناسب حالة داينا، إلا أنها تعافت سريعاً بعد الجراحة، وخرجت من المستشفى في 31 ديسمبر، لاستقبال العام الجديد في صحة جيدة.

وتختم داينا حديثها قائلة: "أنا ممتنةٌ جداً للدكتور ألغورا، والدكتور عمر دار على الجهود الضخمة التي بذلاها من أجلي. لقد كانت ظروفي مجهدة جداً، ولكنني، برغم ذلك، كنت أشعر بالأمان والرعاية الكاملة، في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي". وأنا أكاد لا أصدق الجهد الخارق الذي بذله الجميع للحصول على فصيلة الدم التي كنت أحتاجها. لقد أصبحت أقدّر بشكل أكبر أهمية التبرع بالدم،  فهو أجمل هدية تُهدى لمريض".

ينظم مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، بالشراكة مع بنك الدم في أبوظبي، فعاليات منتظمة لموظفيها للتبرع بالدم بشكل منتظم. وإدراكًا لأهمية التبرع بالدم لتوفير العناية الطبية، ولإنقاذ حياة المرضى، في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة، تجمع فعاليات التبرع بالدم مئات وحدات الدم كل عام، وهذا يوفر الدعم اللازم لتشغيل قطاع الرعاية الصحية بأكمله في أبوظبي.

ويختم الدكتور ألغورا حديثه قائلاً: "كانت هذه الحالة صعبة للغاية، ولذلك، فأنا فخور جداً بأننا استطعنا أن نتآزر، ونعمل معاً، كفريق واحد، في جميع أقسام المستشفى، لترتيب استيراد الدم الذي كانت داينا بأمَسَ الحاجة إليه. ولحسن الحظ، لنا علاقات طيبة مع بنك الدم في أبوظبي، ومع وزارة الصحة و وقاية المجتمع، وجميع الهيئات العالمية المعنية بنقل الدم. فعندما تحدثنا إلى زملائنا، في بلدان أخرى، فهموا التحدي الذي كنا نواجهه، وبذلوا كل ما في وسعهم ليساعدونا. فلولا ما تلقيناه من دعم شركائنا محلياً وعالمياً، لما استطعنا أن نحقق هذا الإنجاز الذي حققناه".

لمعرفة المزيد، أو لحجز موعد في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، يمكنكم الاتصال على الرقم 2223 8 800، أو زيارة الموقع الإلكتروني ClevelandClinicAbuDhabi.ae، أو تنزيل التطبيق الإلكتروني الخاص بالمستشفى.