إلى جانب دور النظام الغذائي وأسلوب الحياة في حدوث أمراض القلب، يسلط الأطباء في المستشفى الضوء على عوامل الخطورة الوراثية، مؤكدين أن إدراك هذه العوامل وإجراء فحوصات الكشف يسهم في إتاحة الفرصة للأطباء لتقديم الرعاية الوقائية بأسرع وقت ممكن وإنقاذ حياة المرضى.
وفي هذا السياق، قال د. خالد المعطي، أخصائي طب القلب في معهد القلب والأوعية الدموية في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي": "عالجت مرضى فقدوا أخوة وأقارب صغار السن بسبب موت القلب المفاجئ. هناك عوامل وراثية لحدوث هذه الحالات، ولذلك أنصح كل شخص لديه تاريخ عائلي لحالات موت القلب المفاجئ أن يجري الفحوصات بأسرع ما يمكن للاستفادة من العلاجات المتوفرة التي يمكن أن تنقذ حياته".
وأضاف د. المعطي: "يتيح لنا الفحص المبكر للكشف عن مرض الرجفان الأذيني الذي يسبب السكتة القلبية الاستفادة من جملة من الأدوات المتوفرة لدينا للسيطرة على هذه الحالات والحيلولة دون حدوث الكثير من الوفيات وسط المرضى الشباب. فقد استقبلت مرة مريضة فقدت عدد من أفراد عائلتها بسبب السكتة القلبية، فجاءت لإجراء فحص وراثي لمعرفة مدى الخطر الذي يحدق بها. أظهرت نتائج الفحص ارتفاع احتمال الخطورة لديها، فتدخلنا لزرع جهاز مزيل الرجفان وإنقاذ حياتها في حال تعرضها للسكتة القلبية. وفي حالات أخرى، عندما تكون النتائج غير حاسمة، يمكننا زرع جهاز صغير تحت الجلد للمراقبة عن بعد وتحذير المريض وفريقنا الطبي في حال حدوث خلل في نظام دقات القلب".
جدير بالذكر أن نظام مراقبة القلب عن بعد في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" هو الأول من نوعه في دولة الإمارات، وهو يعتمد على زرع جهاز مراقبة صغير تحت الجلد لدى المريض لمراقبة حالته على مدار الساعة من قبل الفريق الطبي في المستشفى، الذي يتعاون عن كثب مع مستشفى كليفلاند كلينك في الولايات المتحدة المصنف أولاً على مستوى البلاد في مجال الرعاية القلبية. عند وجود خلل في دقات قلب المريض، يبث الجهاز إشارات إلى الأطباء في المستشفى ويتيح لهم تشخيص حالة المريض واستجابته للعلاج عن بعد، كما يتيح لهم إبلاغ خدمات الطوارئ في الحالات الصعبة.
وأردف د. المعطي أن المرضى الأكثر عرضة للخطر يمكنهم الاستفادة من زرع أجهزة إزالة الرجفان لإعادة دقات القلب إلى وضعها الطبيعي وإنقاذ حياتهم، وقال: "نحن نستخدم أحدث التقنيات المتطورة لتحديد الحالات الأكثر عرضة للإصابة بالسكتة القلبية. أحياناً قد تشكل أبسط المؤشرات فارقاً بين الحياة والموت. إن إدراك الخطر هو الخطوة الأولى لإنقاذ حياة المريض والقضاء على شكوكه ومخاوفه، فالمرضى يؤكدون لي دوماً أن وضع القلب تحت المراقبة على مدار الساعة أو زرع جهاز إزالة الرجفان يمنحهم الكثير من الثقة في حياتهم اليومية".
يمكن أن يؤدي اضطراب نظم القلب إلى السكتة القلبية عندما يحدث خلل في النظام الكهربي للقلب. وفي هذه الحالة لا يصل الدم إلى باقي أنحاء الجسم، مما يتطلب علاج طارئ فوري لإنقاذ حياة المريض. يمكن أن يعاني بعض المرضى من تسارع دقات القلب أو الشعور بالدوخة قبل السكتة القلبية، إلا أن نحو نصف الحالات تحدث دون أي أعراض مسبقة.
ويؤكد الخبراء أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي يكونون أكثر عرضة للإصابة ببعض أنواع أمراض القلب خلال حياتهم، فيما أظهر استبيان أجراه مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" أن 51 في المائة من المواطنين الإماراتيين المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً لا يدركون دور التاريخ العائلي في أمراض القلب.
هذا ويشارك مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" في دراسة "مستقبل صحي للإمارات"، وهي دراسة مستقبلية تهدف إلى تسليط الضوء على الأسباب الكامنة وراء ارتفاع نسبة انتشار أمراض القلب وبعض الأمراض الأخرى في دولة الإمارات، وتسعى إلى دراسة تأثير أنماط الحياة والعوامل البيئية والوراثية على صحة 20 ألف من مواطني دولة الإمارات الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاماً وتحديد العوامل المسببة للسمنة ومرض السكري وأمراض القلب.
اعتمدت دائرة الصحة_أبوظبي مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" مركزاً رسمياً لألم الصدر، ويعمل قسم الطوارئ في المستشفى على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع لاستقبال جميع المرضى الذين تساروهم المخاوف حول صحة القلب أو الشكوك بوجود أعراض قلبية لديهم، حيث تتم معاينتهم من قبل الأطباء في أقل من 8 دقائق لطمأنتهم وتوفير خيارات العلاج السريع.